في هذه الأحاديث: تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلًا، أو مؤجلًا، وكذلك بيع الورق بالورق- يعني: الفضة بالفضة- متفاضلًا، أو مؤجلًا، فإذا باع ذهبًا بذهب فلا يجوز له أن يزيد بعضها على بعض؛ ولهذا قال:((وَلَا تُشِفُّوا))، يعني: لا تزيدوا بعضها على بعض، فلا بد أن يتساويا بالميزان، وكذلك لا يجوز التأجيل؛ ولهذا قال:((وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ))، فلا بد من التقابض، وأن يكون يدًا بيد، وكذلك الفضة بالفضة.
وإذا باع أحدهما بالآخر سقط أحد الشرطين، وهو شرط التماثل، فله أن يبيع مائة غرام من الفضة بغرام واحد من الذهب، لكن لا بد من التقابض بمجلس العقد، وسيأتي- أيضًا- حكم هذا في بيع البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح.
وقوله:((مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ)): هذا تأكيد لقوله: ((وَزْنًا بِوَزْنٍ)).
[١٥٨٥] حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، وأحمد بن عيسى قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ ابْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ، وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ)).
قوله:((لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ، وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ)): الدينار ذهب، والدرهم فضة، وبعض الناس يغلط، فيقع في الربا، فيكون عنده ذهب قديم، ويأتي إلى بائع الذهب، ويبيع عليه الذهب القديم بذهب جديد وزيادة دراهم، وهذا ربا، ولو كان هذا قديمًا وهذا جديدًا، فلا بد أن يتماثل بالميزان، والمخرج من هذا هو: أن تبيع الذهب القديم بالدراهم، ثم تشتري بالدراهم ذهبًا جديدًا، والأولى أن يبيعها عند شخص، ويشتري عند شخص آخر، حتى لا تكون هذه حيلة يتحيل بها.