الفضل كان يعتمد على هذا الحديث:((الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ))، وهو حديث أسامة رضي الله عنه، وجاء بلفظ:((إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ))، فكان يفتي بجواز ربا الفضل إذا كان يدًا بيد، أي: أن يكون دينار بدينارين، والدرهم بالدرهمين، والصاع بالصاعين، وإن كان جنسًا واحدًا، إذا كان يدًا بيد، اعتمادًا على هذا الحديث، وظاهر هذا الحديث: أن ربا الفضل لا بأس به، وقد فهم أن الربا لا يكون إلا في النسيئة، وأن الحديث يفيد الحصر، لكن جاءت أحاديث كثيرة كحديث عبادة رضي الله عنه، وحديث أبي سعيد رضي الله عنه، وهي صريحة في تحريم ربا الفضل، والقاعدة عند أهل العلم: أنه إذا جاء الحديث يخالف ظاهره الأحاديث الكثيرة فإنه يُحمل عليها.
ولهذا أجاب العلماء عن هذا الحديث بخمسة أجوبة:
الجواب الأول: أن هذا كان في أول الإسلام، ثم نسخ بتحريم ما كان وسيلة إليه بهذه النصوص؛ لأن ربا الفضل وسيلة لربا النسيئة.
والجواب الثاني: أن الحصر في قوله: ((إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ))، أو ((الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ)): محمول على الربا الأعظم- والذي هو ربا الجاهلية- الذي حرم تحريم الغايات، وتحريم ربا الفضل هذا من تحريم الوسائل.
والجواب الثالث: أن هذا محمول على بيع الدَّين بالدَّين، لا على بيع الربويات.
والجواب الرابع: أن الحديث محمول على اختلاف الأجناس، كالتمر، والبر، فيكون في الأجناس المختلفة، ولا ربا في الأجناس المختلفة، إنما الربا يكون في الجنس الواحد.
والجواب الخامس: أن حديث أسامة: ((الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ)): مجمل، وحديث عبادة وأبي سعيد مبيِّن، وإذا جاء مجمَلٌ ومبيِّن فإن العمل يكون بالحديث المبيِّن.