للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: دليل على الوعيد الشديد على من ظلم الأرض، وأنه يكلف حملها، أو يُجعل طوقًا في عنقه، ويطول عنقه، كما جاء أن ((ضِرْسُ الْكَافِرِ، أَوْ نَابُ الْكَافِرِ، مِثْلُ أُحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ)) (١) - نسأل الله السلامة والعافية.

وفيه: دليل على أن من ملك أرضًا ملك قرارها وهواءها، فليس لأحد أن يحفر تحت أرضه خندقًا، ويقول: أنا ما جئت بيته، نقول: ما تحت الأرض ملك له، وكذلك الهواء، هواؤها من فوق، ليس لأحد أن يبني فوق أرضه، أو يضع شيئًا فوق بيته؛ لأن من ملك الأرض ملك قرارها وهواءها؛ ولهذا أفتت هيئة كبار العلماء أن السعي بين الصفا والمروة يكون في الدور الثاني، كما يكون في الأرض، وكذلك الطواف في الدور الثاني؛ لأن الهواء له حكم القرار (٢)، وكذلك- أيضًا- الذي يصلي على جبل أبي قبيس، ويستقبل الكعبة؛ لأن الهواء له حكم القرار.

وفيه: دليل على إجابة دعوة المظلوم؛ فإنَّ أروى هذه خاصمت سعيد بن زيد رضي الله عنه، وكذبت عليه، وادعت أنه أخذ شيئًا من أرضها، فدعى عليها، وقال: ((اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا))، فأجيبت دعوته، فعمي بصرها، ثم سقطت في بئر في أرضها فكانت قبرها، وظاهره: أنها ما خرجت منه، وأن البئر صار قبرًا لها.

وظاهر هذا الحديث: أن سعيد بن زيد رضي الله عنه ترك لها ما ادعت أنه أخذه، ولكن مروان بن الحكم- كان أمير المدينة إذ ذاك- قال له: ((لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا) وظاهره: أنه أتى ببينة، أو أراد أن يأتي ببينة، لكن مروان قال: ((لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا) أي: غير هذا الحديث، لأنه صحابي جليل، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، فلا يمكن أن يخالف الحديث.


(١) أخرجه مسلم (٢٨٥١).
(٢) أبحاث هيئة كبار العلماء (١/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>