في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على من عليه دين، ويقول:((صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ))؛ تحذيرًا للأحياء من التساهل بالديون، ثُمَّ بعد ذلك لما فتح الله عليه الفتوح كان يقضي الديون عن الناس عليه الصلاة والسلام.
قيل: كان يقضيه من مال المسلمين، أو من ماله الخاص؛ ولهذا اختلف العلماء في الولاة بعده: هل لهم أن يقضوا الديون؟ فمن قال: إنه قضى من مال نفسه قال: لا يقضون الديون، ومن قال: من مال المسلمين، ومن مال المصالح قال: يقضون الديون، والصواب: أن ولاة الأمور عليهم أن يقضوا الديون عن الموتى، ويقوموا بكفالة الأيتام والأرامل والمحتاجين من بيت المال، إذا كان في بيت المال سعة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ))، كما قال تعالى:{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}.
وفي اللفظ الآخر:((وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ))، يعني: العيال الضائعين، وفي الرواية الثانية:((وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا))، يعني: ثقلًا من الأولاد والعجزة، وهؤلاء سموا كلًّا، ومنه: قول خديجة في أول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَتَحْمِلُ الْكَلَّ)) (١) في وصفه صلى الله عليه وسلم بتحمل الأثقال وقيامه بحوائج المحتاجين