للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَرَثَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا)).

وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي: ابْنَ مَهْدِيٍّ- قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ: ((وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا وَلِيتُهُ)).

في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على من عليه دين، ويقول: ((صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ))؛ تحذيرًا للأحياء من التساهل بالديون، ثُمَّ بعد ذلك لما فتح الله عليه الفتوح كان يقضي الديون عن الناس عليه الصلاة والسلام.

قيل: كان يقضيه من مال المسلمين، أو من ماله الخاص؛ ولهذا اختلف العلماء في الولاة بعده: هل لهم أن يقضوا الديون؟ فمن قال: إنه قضى من مال نفسه قال: لا يقضون الديون، ومن قال: من مال المسلمين، ومن مال المصالح قال: يقضون الديون، والصواب: أن ولاة الأمور عليهم أن يقضوا الديون عن الموتى، ويقوموا بكفالة الأيتام والأرامل والمحتاجين من بيت المال، إذا كان في بيت المال سعة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ) كما قال تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}.

وفي اللفظ الآخر: ((وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ) يعني: العيال الضائعين، وفي الرواية الثانية: ((وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا) يعني: ثقلًا من الأولاد والعجزة، وهؤلاء سموا كلًّا، ومنه: قول خديجة في أول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَتَحْمِلُ الْكَلَّ)) (١) في وصفه صلى الله عليه وسلم بتحمل الأثقال وقيامه بحوائج المحتاجين


(١) أخرجه البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>