للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشتريه فقد يراعيه الذي تصدق عليه به في الثمن، فيسقط عنه بعض القيمة.

ويستثنى من هذا: هبة الوالد لولده؛ فإنه يجوز له الرجوع فيها؛ جمعًا بين هذا الحديث، وحديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - في رجوع والده في هبته له لما وهب له غلامًا- يعني: عبدًا- فقال النبي (: ((أكل ولدك نحلت مثله؟ ) قال: لا، فأمره النبي (بإرجاع الهبة واستردادها بقوله: ((فارجعه)) (١)، وفي لفظ: ((أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ ) قال: بلى، قال: ((فلا إذًا)) (٢)، وفي لفظ أنه قال: ((أشهد على هذا غيري)) (٣)، وفي لفظ أنه قال: ((فإني لا أشهد على جور)) (٤)، كل هذا يدل على أن الوالد إما أن يسوي بين أولاده في العطية، أو يرجع في العطية والهبة فهو مستثنى، وما عدا الوالد فإنه يحرم عليه أن يرجع في الهبة وأن يستردها، خلافًا للحنفية (٥)؛ فبعضهم قال: لا بأس بالرجوع؛ لأن النهي ليس للتحريم.

والهبة نوعان:

١ - هبة مطلقة لا يُقصد بها العوض، وإنما يُقصد بها الأجر، وحصول المودة، سواء كانت لمن دونه، أو أعلى منه، أو مثله، وهذه هي الأصل، وهي مستحبة.

٢ - هبة مقيدة، وهي التي يُقصد بها ثواب الدنيا.

فهذه حكمها حكم البيع، والغالب أن المهدي يطلب بها أكثر مما أهدى، والأفضل أن يقنع بما يُعطى، ولا يجعل الهدية طريقاً لابتزاز أموال الناس.


(١) أخرجه البخاري (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٣).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٢٧٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٨٥)، وابن حبان (١١/ ٣٠٥).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٥٠)، ومسلم (١٦٢٣).
(٥) حاشية الدر المختار، لابن عابدين (٥/ ٦٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>