أو وجع إذا كان لم يكن على وجه التشكي، بل حتى يدعى له، أو لمن يستفتيه، كحال سعد رضي الله عنه في هذا الحديث.
وفيه: دليل على أنه لا يجوز للمريض أن يوصي بأكثر من الثلث إذا كان له ورثة، ولو كانوا قلة، ولو كانوا واحدًا؛ ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم سعدًا أن يوصي بأكثر من الثلث، ولم يكن له إلا بنت في ذلك الوقت.
وفيه: بيان أفضلية ترك المال للورثة، فيغنيهم الله بهذا المال، خير من الوصية بجُلِّ المال وتركهم فقراء يسألون الناس ويشحذون؛ فالأقرباء أولى الناس بالبر.
وهذا يدل- أيضًا- على أن الإحسان إلى الأقارب مقدمٌ على الإحسان إلى غيرهم من الأجانب.
وفيه: عَلَم من أعلام النبوة؛ حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن سعد بن أبي وقاص سيتأخر، فقال:((وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يُنْفَعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ))، وقد شُفي سعد من هذا المرض، وتأخرت وفاته رضي الله عنه، ورزقه الله أولادًا، وانتفع به أقوام في إظهار الإسلام في الحروب التي حاربها في الروم، فهدى الله للإسلام أقوامًا على يديه، وضُرَّ به آخرون؛ حيث قُتلوا وماتوا على الكفر، وتولى إمارة الكوفة في عهد عمر، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
وفيه: دليل على أن المهاجر الذي هاجر من مكة ليس له أن يرجع إلى البلد التي هاجر منها؛ لأنه تركها لله؛ ولهذا جاء في الحديث: أن المهاجر إذا رجع إلى مكة معتمرًا، أو حاجًّا فإنه يجلس ثلاثة أيام، ولا يزيد بعد النسك (١)؛ ولهذا خاف سعد رضي الله عنه أن يموت بمكة، أو بالأرض التي هاجر منها، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم:((اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ)).
وفيه: أنه لا بد من الإخلاص في العمل، ومن ذلك: النفقة؛ ولهذا قال