قوله:((غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ))، أي: لا يتخذ منها مالًا يتموله ويدخره.
وفي هذا الحديث: مشروعية الوقف، وهي الصدقة الجارية، فهذا عمر رضي الله عنه أصاب أرضًا بخيبر، وهي أحب شيء إليه، وأنفس أمواله، واستشار النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يوقفها.
وهذا الأمر الذي أشار به النبي صلى الله عليه وسلم هو أمرٌ فاضل، لو كان هناك شيء أفضل منه لأشار عليه به.
وفيه: دليل على أن خيبر فُتحت عنوة.
وفيه: دليل على أن الوقف لا يباع، ولا يوهب، بل يُحبس الأصل، فينتفع بالثمرة، يعني: بالريع، وأما الرقبة فإنها لا تباع، ولا توهب، ولا تورث؛ لأنه خرج من يد الموقف، وصار لله، فالمساجد- وكذا الأرض، أو البيت، أو المقبرة، أو المصحف، أو كتب العلم- إذا سبَّلها فإنها لا تباع، ولا تورث، ولا توهب.
وفيه: دليل على تنفيذ شرط الواقف، فقد أوقفها عمر في الفقراء، وفي القربي، وفي الرقاب، وفي ابن السبيل، وفي الضيف.
وفيه: أنه قال: لا جناح على مَن وليها أن يأكل منها، والولي: هو الذي يلي الوقف كالمزرعة- مثلًا- له أن يأكل منها، ويُطعم صديقه، إلا أنه لا يجمع منها مالًا يدخره.
والوقف أولى من الوصية؛ لكونه في حياة الإنسان، فهو ينظره بنفسه، ويليه، ويطمئن عليه، فهذا أولى من وصية تؤجل إلى ما بعد الموت.
والأصل في حكم بيع الوقف: أن الوقف ينظر فيه، فإذا تعطلت منافعه فالجمهور على أنه لا يباع (١).
(١) الاختيار لتعليل المختار (٣/ ٤٣)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٧/ ٧٩، ٨٤)، المجموع، للنووي (٩/ ٢٤٥)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).