وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ:((قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَهْطٌ مِنْ عُرَيْنَةَ))، وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ:((مِنْ عُكْلٍ، وَعُرَيْنَةَ)) بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وَحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:((إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْيُنَ أُولَئِكَ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ)).
قوله:((وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ))، أي: ترك دمهم يجري حتى ماتوا، والحسم هو: أن يُجعل مكانُ العضو المقطوع في الزيت الحار؛ ليقف الدم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحسمهم، وأرادهم أن يموتوا؛ لأنهم ارتدوا.
في هذا الحديث: أن هؤلاء الذين قدموا من عرينة، أو من عكل -وجُمع بينهما بأن بعضهم كان من عكل، وبعضهم كان من عرينة- على النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين، فاستوخموا المدينة، ولم يناسبهم هواؤها، فأصابهم المرض، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة، وإبل الصدقة كانت خارج البلد، ترعى في البَر حيث الهواء النقي، فتكون ألبانها وأبوالها سليمة، خلاف التي تأكل العلف في البلد، فخرجوا إلى البرية، وتنفسوا الهواء النقي، وشربوا من أبوال وألبان هذه الإبل، فصحُّوا، وذهب ما بهم من الوخم والسقم، فلما صحوا ارتدوا عن الاسلام، وقتلوا رعاة النبي صلى الله عليه وسلم، وسرقوا الإبل، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أرسل في أثرهم، فجيء بهم في منتصف النهار، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهم، فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسُملت أعينُهم؛ لأنهم سملوا أعين الرعاة، والسمل هو: إحماء الحديد وكي عيونهم، وهذا من باب القصاص.
وهنا مسائل:
الأُولى: هل في هذا الحديث دليل على طهارة أبوال الإبل؟
الجواب: نعم، فيه دليل على طهارة أبوال الإبل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن