وقوله:((أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ)) فكانوا أمناء، فنزلت الأمانة في قلوبهم، ونزل القرآن، وجاءت السنة، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة، فعملوا بالأمانة، والمراد بالأمانة: الأمانة العامة، وهي أمانة التكليف، وليس المراد الوديعة، فالوديعة نوع من الأمانة، وتفسر الأمانة بالتكليف؛ لقول الله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، فهي أمانة التكليف من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج.
ومن ذلك: الأمانة في البيع والشراء التي تكون بينك وبين الناس، بألا تخفي عيوب السلعة، ولا تنفق السلعة بالحلف الكاذب، ولا تغش الأمانة فيما بينك وبين جيرانك، والأمانة بينك وبين أهلك، ومن الأمانة أن لا تأكل مال اليتيم، ومن الأمانة ألا تأكل الرشوة، ومن الأمانة ألا تتعامل بالربا، ومن الأمانة الوديعة وصيانتها.
وقوله:((مِثْلَ الْوَكْتِ)) هو الشيء اليسير الذي يكون في الجسد يغاير لون الجسد.
وقوله:((مثلَ المَجْلِ، كجَمْرٍ دَحْرَجْتَه على رجلِك، فنَفِطَ، فتَراه مُنْتَبِرًا)) التنفُّط هو الذي يصير في اليد ويظَهَر فيها ما يشبه البَثْر من العمَل بِالأشياء الصلبة الخَشِنَة، قال النووي رحمه الله:((نفط، بفتح النون وكسر الفاء، ويقال: تنفط، بمعناه، والتنفط: الذي يصير في اليد من العمل بفأس، أو نحوها، ويصير كالقبة فيه ماء قليل)) (١).
وقوله:((فتَراه مُنْتَبِرًا))، يعني: منتفخًا.
وقوله:((وليس فيه شيءٌ))، أي: فقاقيع، قد تكون مياهًا بيضاء.