فإن جاء من يعرف أوصافها دفعها إليه، وإذا مضت سنة فإنه يملكها، ويتصرف فيها فتكون كسائر ماله، إلا أنها تكون وديعةً عنده، بمعنى: أنه إذا جاء صاحبها يومًا من الدهر وذكر أوصافها دفعها إليه.
هذا إذا كانت اللقطة من الدراهم، أو الأمتعة وغيرها.
أما إذا كانت من بهيمة الأنعام فإذا كانت شاة يأخذها؛ لأن الشاة لا تمتنع من السباع، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ))، يعني: إن لم تأخذها أخذها أخوك، وإن لم تأخذها أنت ولم يأخذها أخوك أكلها الذئب.
فإذا أخذها فليعلفها، أو يجعلها مع غنمه، وإنْ أَحَبَّ أن يبيعها ويحتفظ بثمنها- إذا كان في إبقائها مشقة عليه- فلا بأس، وإن أحب أن يأكلها ويقدر ثمنها، ثم إذا جاء صاحبها دفعها إليه فلا بأس- أيضًا.
ويكون واجد اللقطة مؤتمنًا فيما وجد، وقاعدة المؤتمن: أنه إذا فرط فتسبب في موتها- مثلًا- فإنه يضمن، وإن لم يفرط فلا يضمن.
وأما ضالة الإبل فإن وجدها فلا يأخذها؛ ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل قال:((مَا لَكَ وَلَهَا؟ ! مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا))؛ لأن أخفافها تتحمل وتمشي وتقطع المسافات، وترد الماء وتُخزِّنه في بطنها وتصبر على عدمه مدة أيام، فلا حاجة إلى أخذها.
٤ - دليل على أن الغضب اليسير لا يؤثر، وهذا- أيضًا- يستدل به على أن المفتي، أو الحاكم إذا غضب غضبًا يسيرًا فلا يضر.
٥ - أن من وسائل التعليم، أو الدعوة: تَبْيِينَ الغضب في وجه الداعي، أو المفتي إذا سئل عن شيء يغلب على الظن أن السائل يعرف حكمه.