للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث فيه: دليل لما قال به العلماء: إن الإيمان أخص من الإسلام، وأن الإنسان قد يطلق عليه الإسلام، ولا يطلق عليه الإيمان، وذلك كما إذا كان شخص مقصرًا في بعض الواجبات أو مرتكبًا لبعض المحرمات، فإنه يسمى مسلمًا، ولا يسمى مؤمنًا، كما في هذا الحديث.

ولا يطلق الإيمان إلا على من أدى الواجبات، وابتعد عن المحرمات، أما المقصر فلا يطلق عليه لفظ الإيمان، وإن كان معه أصل الإيمان الذي لا يصح إسلامه إلا به، قال الله تعالى في سورة الأنفال: {إ نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}، هؤلاء المؤمنون حقًّا، الذين أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وتوكلوا على الله، ووجلت قلوبهم عند ذكر الله، ويزدادون إيمانًا عند تلاوة القرآن، هؤلاء هم المؤمنون بإطلاق، وكما قال سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، أما المؤمن العاصي فهذا لا يطلق عليه الإيمان المطلق، لكن معه أصل الإيمان، فيقال: هو مؤمن ناقص الإيمان، أو: مؤمن ضعيف الإيمان، أو: مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، وهو الصواب الذي عليه جمهور أهل السنة، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١).

وذهب الإمام البخاري رحمه الله وجماعة إلى أن الإيمان هو الإسلام، ولا فرق بينهما (٢)، وقرر هذا في صحيحه رحمه الله في: ((كتاب الإيمان)) (٣)، وذهب


(١) العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص ١١٤).
(٢) صحيح البخاري (١/ ١٩).
(٣) صحيح البخاري (١/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>