للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}، وهذه السورة فيها إعلام للنبي صلى الله عليه وسلم بقرب أجله، والمعنى: إذا جاء نصر الله وفتحت مكة ودخل الناس في دين الله أفواجًا فقد انتهت مهمتك في الدنيا، فاستعد إلى لقائنا؛ ولهذا فهم ابن عباس رضي الله عنهما أنها أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

وفيه: ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الكرم والتآلف فيما بينهم، ففي قصة أبى هريرة رضي الله عنه أن كل واحد منهم كان له يوم يجتمعون فيه عنده ويأكلون.

وفيه: أنه ينبغي لقائد الجيش أن ينظم الجيش، وأن تنظيم الجيش وترتيبه وتقسيمه من أسباب النصر؛ ولهذا قسمهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام: المجنبة اليمنى، والمجنبة اليسرى، والقلب، وجعل على كل مجنبة قائدًا، وجعل على الحُسَّر الذين ليس معهم سلاح قائدًا، وهذا الترتيب له آثار طيبة في النصر على الأعداء، مع الثقة بالله تعالى، ووعده بالنصر، والتضرع إليه، والإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وعمل ما أوجب الله، وترك ما حرم الله، والإكثار من ذكر الله عز وجل، كما قال الله تعالى- في أسباب النصر-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

وفيه: دليل على أن مكة فُتحت عنوة، كما هو قول الجمهور (٢)؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار، وقال لهم: ((احْصُدُوهُمْ حَصْدًا)).


(١) أخرجه البخاري (٣٦٢٧).
(٢) فتح القدير، لابن الهمام (٤/ ٣٠٣ - ٣٠٥)، حاشية الدر المختار، لابن عابدين (٣/ ٣١٩)، الشرح الكبير، للدردير (٢/ ١٨٩)، المغني، لابن قدامة (٢/ ٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>