وقوله:((يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ)): وذلك من شدة البرد.
وقوله صلى الله عليه وسلم:((يَا نَوْمَانُ)) يعني: يا كثير النوم.
وهذا الحديث فيه: أن حذيفة رضي الله عنه أراد أن يبين لهذا الرجل أن الأمر بتوفيق الله عز وجل، فقد كان يقول: لو كنت مع رسول الله لأبليت وقاتلت، فأراد أن يقول له: لا تستطيع أن تفعل هذا إلا بتوفيق من الله عز وجل، فالمنافقون والمشركون أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينفعهم إدراكهم له؛ لأن الله تعالى لم يوفقهم.
وقد بيَّن له حذيفة رضي الله عنه أن الأمر كان شديدًا، وكان الجو باردًا، وكانت الريح شديدةً والعدو كثيرًا، وقد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول- ثلاث مرات-: ((أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ ))، ولم يقم أحد، وفي الثالثة قال:((جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، فلم يقم أحد، حتى سمى حذيفةَ رصي الله عنه.
وقد قال الله عز وجل- في هذه الغزوة-: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، ثم بعد ذلك نصرهم الله تعالى بالريح، والجنود، والملائكة.
وفيه: دليل على أنه ينبغي على الإمام أن يرسل العيون والجواسيس والطلائع لتأتي بخبر العدو.
وفيه: معجزة من المعجزات، ودليل من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، كما فيه بيان قدرة الله تعالى، وذلك في قوله:((فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ))، فالجو شديد البرد، ولكن لما مشى حذيفة رضي الله عنه في أمر الله تعالى، وفي حاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله تعالى الجوَّ عليه دافئًا، فكأنه يمشي في حمام دافئ، فلما رجع حذيفة رضي الله عنه وانتهى- رجع إليه البرد.