فإنه لا يتم لهم النعاس في الجهاد؛ لما في قلوبهم من الهلع والخوف والرعب؛ لعدم صحة الإيمان في قلوبهم، وقال تعالى:{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يغشى طائفة منكم} هذا في غزوة أحد، يغشى طائفة منكم، وهم المؤمنون، {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}؛ وهم المنافقون قد أهمتهم أنفسهم فلا يأتيهم النعاس.
وقد تعلق بهذه الأحاديث بعض المعاصرين، وقالوا بجواز جهاد النساء مع الرجال ومشاركتهن لهم في الحروب، واختلاطهن بالرجال في الأعمال، وفي المستوصفات الصحية، وغيرها.
والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن خروج النساء مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو كان قبل نزول الحجاب، كما في حديث أنس:((وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ القِرَبَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا)) (١)، فكان خروجهن قبل نزول الحجاب، وقبل الحجاب يُتوسع في النظر إلى النساء ما لا يُتوسع إليه بعد الحجاب، والحجاب كان في السنة السابعة.
الوجه الثاني: أن عائشة رضي الله عنها كانت صغيرة، فقد كانت في العاشرة أو الحادية عشرة، وأم سليم رضي الله عنها كانت امرأة كبيرة عاقلة، وأنس رضي الله عنه كان صغيرًا- أيضًا.
الوجه الثالث: أن النساء لم يباشرن القتال، وإنما كن يسقينَ الماء ويداوينَ الجرحى ويصنعنَ الطعام، وهذا يجوز في حال الحرب، ولا يجوز في حال السعة.