رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي أَبِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:((لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً))، فَقَالَ كَلِمَةً صَمَّنِيهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ:((كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ)).
قوله:((لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً)) المعنى: أن الإسلام لا يزال عزيزًا قويًّا وفي ازدياد في خلافة هؤلاء الاثني عشر خليفة، ثم بعد ذلك يكون الأمر فيه ضعف.
وهؤلاء الاثنا عشر خليفة هل هم متوالون، أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أنهم متوالون، وهم: الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك، وبينهم عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء الاثنا عشر خليفة لايزال أمر الإسلام ماضيًا وعزيزًا في زمانهم، ثم بعد ذلك حصل الضعف والنقص، كما هو معروف الآن.
فهم اثنا عشر خليفة يكون الإسلام في زمنهم عزيزًا منيعًا ولا يزال أمر الناس ماضيًا، أما عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فلم يجتمع الناس عليه، وأما علي - رضي الله عنه - ففي حكم المُجْتَمع عليه؛ فقد بايعه أكثر أهل الحل والعقد، وأما الحسن بن علي رضي الله عنهما فولايته تابعة لولاية أبيه.
القول الثاني: ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله أن الأظهر أنهم غير متوالين، وأن المهدي منهم في آخر الزمان.
والصواب: أنهم متوالون، والواقع يؤيد هذا، وأما قول: إن المهدي منهم فهذا بعيد؛ لأن المهدي لا يخرج إلا في آخر الزمان، وفي زمانه يخرج الدجال، ويحصل اختلاف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:((لا يزال أمر الناس ماضيًا))، وأين المضي وقد حصل اختلاف قبل المهدي في سنوات خدَّاعة؟ !