وعبيد الله بن زياد هذا كان أميرًا على العراق وكان ظالمًا، فمرض معقل بن يسار الصحابي الجليل، فدخل عليه عبيد الله يزوره، فحدثه بهذا الحديث خشيةً من كتمان العلم، وكان لم يحدثه قبل ذلك؛ لأنه كان ظالمًا فكان يخشى من شره وظلمه له حال حياته، فَقَالَ لمعقل:((أَلَّا كُنْتَ حَدَّثْتَنِي هَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ؟ ! ، فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكَ- أَوْ: لَمْ أَكُنْ لِأُحَدِّثَكَ)).
فأبلغه بأن غش الرعية من كبائر الذنوب، وأنه متوعد عليه بالنار، والحرمان من دخول الجنة.
[١٨٣٠] حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ))، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: وَهَلْ كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ؟ ! إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ، وَفِي غَيْرِهِمْ.
قوله:((أَيْ بُنَيَّ))، أي: حرف نداء، والمنادى: عبيد الله.
وقوله:((إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ)) يقال: الرِّعاء والرُّعاء: بكسر الراء المشددة وضمها، ومنه قوله تعالى:{قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} والرعاء: جمع راعٍ، وهو الذي يرعى الأمة ويليها.
والحطمة: الذي يحطم رعيته من الغنم والإبل وغيرها، ويسلك بها المسالك الوعرة في سَوقها ومرعاها، ولا يرفق بها، بل يعنف فيها، وإذا كان هذا في رعاية الإبل والغنم فرعاية الأمم والناس والدول أعظم وأعظم، فهذا يدل على الوعيد الشديد على الولاة الظلمة.
وقوله:((فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)): هذا كلام قبيح من