للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)).

وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ))، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سِنَانٍ.

قوله: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا)): هذا النهي عن زيارة القبور كان خوفًا من أن يتعلق الناس بالقبور؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بإسلام، ثم لما استقر الإسلام في نفوس الناس نُسخ هذا النهي.

قوله: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ)): هذا النهي كان لأجل الفقراء، ثم نُسخ.

قوله: ((وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)): النبيذ هو: عصير العنب، أو التمر، ويسمى: المريس، أو عصير الشعير، أو عصير الذرة، وكانوا ينتبذونه ويشربونه، فإذا مضى عليه ثلاثة أيام ومع شدة الحر يقذف بالزبد فيتخمر، فربما يتخمر وهم لا يعلمون، والأسقية هي: الأوعية من جلد الغنم، أو غيره، مثل: القربة التي يُجعل فيها الماء حتى يبرد، والمعنى: أنهم كانوا يجعلون النبيذ في السقاء، وفي شدة الحر يتمزق، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ النبيذ إلا في السقاء، ثم رخَّص لهم أن ينتبذوا في كل وعاء.

والناسخ يُعرف- أحيانًا- بقول الشارع، نحو: قوله: ((نَهَيْتُكُم ... فَزُورُوهَا))، و ((نَهَيْتُكُم ... فَادَّخِرُوا))، و ((نَهَيْتُكُم ... فَانْتَبِذُوا))، وأحيانًا يُعرف بقول الصحابي؛ كقول جابر رضي الله عنه: ((كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَدَمُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)) (١)، وأحيانًا يُعرف بالتاريخ، فإذا تعارض


(١) أخرجه أحمد (١٤٢٦٢)، وأبو داود (١٩٢)، والنسائي (١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>