للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجوب، أو أنه نفي استحباب كونه أفضلَ من الأضحية، واستدلوا بآثار وردت في الباب، وقالوا: هذا يدل على أن الفرع والعتيرة مستحبان، وأن النفي لما كانوا يذبحونه لآلهتهم وأصنامهم.

والقول الثاني لأهل العلم: أن الفرع والعتيرة غير مشروعين، وغير مستحبين، وأن قوله: ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): يفيد النهي، كما نقل القاضي عياض عن جمهور العلماء أن هذا الحكم منسوخ (١)، وهو الصواب.

وقد أجاب بهذا سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه، فقال: ((قوله: (ولا تسن الفرعة، ولا العتيرة)، وفيما أفهم الآن أنه أقرب إلى التحريم. قوله: ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): نفي كونهما سنةً، أي: خلافًا لما يراه بعض الجاهلية من أن ذلك سنة، هذا معنى كلام بعضهم، لكن النفي يفيد البطلان، كـ ((لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ)(٢) أفلا يكون ((لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ)): إبطالًا لذلك؟ ! فالأصل سقوط ذلك، ولا حاجة إلى تأويل، بل هو ساقط بالإسقاط النبوي، سقط سنةً وفعلًا، هذا مع دلالة: ((وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)(٣) مع دلالة أن الرسول منع من مشابهة الجاهلية، ثم هذا من باب العبادات، والعبادات توقيفية، فلو لم ينفها صلى الله عليه وسلم كانت منتفية؛ فإن أمور الجاهلية كلها منتفية لا يُحتاج إلى أن ينصص على كل واحد منها)) (٤).

قلت: والأقرب أن هذا منسوخ، وإن كان هذا نفيًا فإنه يدل على النهي، والنفي أبلغ من النهي، أما استحباب الشافعية فهو مرجوح.


(١) إكمال المعلم، للقاضي عياص (٦/ ٤٣٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٧)، ومسلم (٢٢٢٠).
(٣) أخرجه أحمد (٥١١٤)، وأبو داود (٤٠٣١).
(٤) فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ (٦/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>