للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) يعني: المسافة التي يقطعها في خطوة واحدة كالمسافة التي بينه وبين آخر مكان يقع عليه بصره؛ ولهذا قطع هذه المسافة الطويلة بسرعة، وقد يكون بصره أقوى من إبصار الآدمي، فيكون سريعًا جدًّا، ينتقل من مكان لمكان بسرعة هائلة.

وقوله: ((فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ)) هذا قبل أن تحرم الخمر، ومعلوم أنه كان هناك خمر بالمدينة، وإلا لو كان محرمًا لما أتى جبريل عليه السلام بالخمر.

وقوله: ((فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ)) وفي اللفظ الآخر: ((أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ لَغَوَتْ أُمَّتُكَ)) (١) قال الله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، وفيه: أن اللبن يناسب الفطرة، فقد فُطر الناس على الميل إلى اللبن، وهو فيه غذاء، بخلاف الخمر؛ لذلك حُبِّب إليهم.

وقد فسروا الفطرة هنا بالإسلام، والاستقامة، فمعناه: اخترت علامة الإسلام والاستقامة، وجُعل اللبن علامة على هذا؛ لكونه سهلًا طيبًا طاهرًا للشاربين، وأما الخمر فإنها أم الخبائث، والجالبة لأنواع من الشر في الحال والمآل.

وقوله: ((ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ)) العروج: الصعود من أسفل إلى أعلى، وأنه كهيئة الدَّرَج يصعد فيه، ولم يركب صلى الله عليه وسلم البراق في المعراج، فالبراق أسري به فقط.

هذا الحديث فيه الكثير من الفوائد، منها:

١. إثبات الإسراء والمعراج للنبي صلى الله عليه وسلم، والإسراء هو السفر من مكة إلى بيت المقدس، وقد جاء هذا في القرآن الكريم، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.


(١) أخرجه البخاري (٣٣٩٤)، ومسلم (١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>