نهى عن هذا الخليط، وإنما من أراد أن ينبذ فلينبذ كل واحد منهما على حدة.
وأصل النهي التحريم، ولهذا أخذ بعض العلماء بظاهر الحديث وقال: لا يجوز الجمع بينهما مطلقًا، وقال آخرون: يجوز الجمع إذا لم يصل إلى حد الإسكار.
وفي هذه الأحاديث: الرد على الكوفيين الذين لايعدون نبيذ البسر والتمر خمرًا، وإنما يعدون الخمر نبيذ العنب فقط؛ ولهذا جاء في صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:«إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ بْنَ البَيْضَاءِ، خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ؛ إِذْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا، وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا- يَوْمَئِذٍ- الخَمْرَ»، يعني: أن نبيذ البسر والتمر يكون خمرًا، وليس الخمر خاصًّا بنبيذ العنب، كما يقول الحنفية (١).
وفيها: الدليل على إباحة النبيذ، والنبيذ هو العصير، يستخرج من التمر، أو البسر، أو الزبيب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عَنِ الجمع بينهما؛ خشية أن يسرع إليه التخمر فربما شرِبه وظنَّ أنه غير مُسكِر؛ لأن طعمه لم يتغيَّر، فلا يُجعل زبيب وتمر معًا، أو بُسر وتمر معًا، وإنما يُعصر كل واحد منهما على حدة، وهذا إذا كان في الحر، لكن في الثلاجات الآن لا يضر جعل العصير مدة طويلة.