للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطويلة، ولا يمكن أن يعرج الجسد، فالجسد شيء ثقيل، فكيف يصعد الجسد هذه المسافات الطويلة؟ وإنما الذي يصعد الأشياء الخفيفة والذوات الخفيفة، مثل الملائكة؛ لأن أرواحهم بلا أجساد، أما الأجساد فإنها ثقيلة، فلا يمكن أن تصعد هذه المسافات، فهؤلاء حكَّموا عقولهم، والله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، وهو قادر على كل شيء، {إنما قوله إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون}.

وفي هذا الزمان نحن نرى بأنفسنا كيف تصعد الطائرات في الفضاء وهي ثقيلة، بل محملة بالحديد الثقيل، ومحملة بالبضائع، وبالآدميين، ومع ذلك تصعد.

واختلف الناس في عروجه عليه الصلاة والسلام:

فمنهم من قال: إنه عُرج بروحه دون جسده.

ومنهم من قال: إن العروج كان في المنام لا في اليقظة.

ومنهم من قال: كان المعراج مرارًا، مرة بروحه وجسده، ومرة يقظة، ومرة منامًا، وهذا يفعله بعض الضعفاء في الحديث، إذا أشكل عليهم شيء عدَّدوا.

والصواب: أن العروج كان بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، مرة واحدة في مكة قبل الهجرة، يقظة لا منامًا، ولم يتكرر بعد البعثة، وهذا الذي تدل عليه النصوص، وجماهير الصحابة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربَّهُ ليلة المعراج (١)، وهذا هو الصواب الذي عليه المُحقِّقُون كشيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، أما القول بأنه عرج بروحه دون جسده، أو أن المعراج كان منامًا، أو أن المعراج كان مرارًا، فهذه أقوال ضعيفة (٣).


(١) حكى إجماع الصحابة على أنه لم يَرَ ربَّه ليلة المعراج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية. اجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم (ص ٢/ ٤٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٥١٠ - ٥١١).
(٣) زاد المعاد، لابن القيم (٣/ ٣٦)، تفسير ابن كثير (٥/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>