وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم عطش في الطريق فحلب له أبو بكر رضي الله عنه كُثبةً، يعني: قليلًا من اللبن فشربه.
واستُشكل هذا: كيف يأخذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ويشرب النبي صلى الله عليه وسلم من لبن الغنم دون إذن صاحبها؟
فقيل: إن هذا حربي، والحربي ماله حلال.
وقيل: إن هذا من باب إدلال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إنها كانت من عادتهم أنهم يسقون مَن يمر بهم.
وقيل: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مضطرًا؛ لشدة عطشه.
والأقرب: أن العرب كانت لهم أخلاق كريمة، فيسرهم أن يمر بهم الضيف فيشرب من لبن غنمهم.
[١٦٨] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ عَبَّادٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ)).
[خ: ٤٧٠٩]
وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بِإِيلِيَاءَ.
قوله: ((وَلَمْ يَذْكُرْ بِإِيلِيَاءَ)): إيلياء هي: بيت المقدس.
وفي هذا الحديث: أن هذه القصة كانت ليلة الإسراء قبل أن تُحرَّم الخمر، ولكنَّ الله ألهم نبيه صلى الله عليه وسلم، وهداه للفطرة، والفطرة هي الإسلام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute