وفي هذا الحديث: دليل على أنه لا بأس بشرب النبيذ، وأنَّ الأصل في الأشياء الإباحة؛ فالمشروبات والمأكولات الأصل فيها الإباحة إلا ما دلَّ الدليل على تحريمه، قال الله تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا}، ولهذا استسقى النبي صلى الله عليه وسلم، فأُتي له بالنبيذ، والنبيذ: العصير، والغالب أن يكون عصير التمر، وهو ما يسمى بالمريس.
وفيه: أن الرئيس، أو الداعية، أو العالم، أو الوالد إذا طلب من أبنائه، أو من تلاميذه، أو مَن يسرهم ذلك أن يسقيه فلا حرج.
وفيه: أن الرجل جعل يسعى، يعني: يمشي مُسرِعًا، فقد أتى به له من النقيع، وهو موضع بوادي العقيق، حماه النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: استحباب تخمير الإناء؛ ولذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم:((أَلَا خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا؟ ))، يعني: ألا غطيته؟ والتخمير هو: التغطية، ومنه: خمار المرأة، يعني: ما تُغطي به وجهها، ومنه: الخمر، سمي خمرًا؛ لأنه يغطي العقل.
وفيه: استحباب تخمير الإناء، فإن لم يجد شيئًا فإنه يعرض عليه عودًا عرضًا لا طولًا، ويذكر اسم الله، كما سيأتي في الحديث.
وفيه: استحباب إيكاء الأسقية، يعني: ربط فم القربة والسقاء؛ لئلَّا يدخل فيه شيء من الهوام والحشرات.
وفيه: أن ما قاله أبو حميد رضي الله عنه: أن هذا خاصٌّ بالليل فهذا اجتهاد منه؛ فإيكاء الأسقية دائم في الليل والنهار، وكذلك إغلاق الأبواب، لكنه يتأكد في الليل.