في هذا الحديث: أن اختناث الأسقية منهي عنه، وهذا النهي للتنزيه، والذي صرفه عَنِ التحريم حديث كبشة بنت ثابت رضي الله عنها، كما سيأتي.
وقد فُسِّر الاختناث- أيضًا- بالشرب من أفواه الأسقية.
وأصل الاختناث: من التخنُث، والتكسُّر، والانطواء، ومنه يسمى مَن يتشبَّه بالنساء، أو مَن يشبه في طبعه وحركاته وكلامه النساء، يُقال: هذا تخنَّث، فالمُخنَّث هو الذي يتشبَّه بالنساء، وهذا محرم، فعن كبشة بنت ثابت رضي الله عنها قال:((دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَرِبَ مِنْ فِي قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِمًا، فَقُمْتُ إِلَى فِيهَا فَقَطَعْتُهُ)) (١)، وهي إنما قطعته لتتبرَّك به؛ لِمَا جعل الله في جسده صلى الله عليه وسلم وما مسَّه من البركة، فهذا فيه: دليل على أنَّ النهي هنا ليس للتحريم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن اختناث الأسقية، وهو: الشرب من فمها، ثم شرب هو من فم القِربة وهو قائم.
(١) أخرجه أحمد (٢٧١١٥)، والترمذي (١٨٩٢)، وابن ماجه (٣٤٢٣).