للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ)): اللحام: هو الذي يبيع اللحم، وهو الجزار.

وفيه: دليل على أنه لا بأس بمهنة الجزارة، وأنها حِرفةٌ شريفة، بل كل الحِرَف طيبة، الجزارة، والنجارة، والحدادة، والتجارة، وينبغي للمسلم أن يكون له مهنة وصنعة يكسب منها؛ حتى يُعِفَّ نفسه، ويُعِف أولاده، إلا الحرف غير الشريفة مثل: الحجَّام، فهذه حِرفةٌ رديئة دنيئة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ)) (١)، أي: مكروه.

وفي هذا الحديث: أن هذا الطعام كان مُحدَّدًا لخمسة أشخاص، فإذا كان الطعام محدَّدًا فلا ينبغي لأحد أن يأتي زيادة إلا بإذن؛ ولهذا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل؛ لأن الطعام مُحدَّد لخمسة، أما إذا كان الطعام ليس مُحدَّدًا فلا بأس، مثل الطعام الآن الذي في بعض الفنادق، يحددونه بالكراسي بالعدد، فهذا لا يمكن للإنسان أن يأتي بأحد زيادة؛ لأنه مُحدَّد، أما إذا كان غير مُحدَّد كصحن يستدير عليه الناس، فهذا غير مُحدَّد، فهو يقبل الزيادة.

وفيه: دليل على أنَّ الإنسان إذا دُعِي، ثم تبعه بعض الناس فعليه أن يستأذن له، يقول: معنا فلان، إنْ أذِنتَ له، وهو مُخيَّر بين أن يأذن له، أو لا يأذن له؛ لأنه قد يكون هناك إحراج له إذا أذِن له، قد يكون الطعام مُحدَّدًا، وليس له مكان، وقد يكون هؤلاء الذين دُعُوا يريدون أن يتحدثوا بأمورٍ خاصة، ولا يريدون أن يكون معهم غيرهم، وقد يكون هذا الذي جاء إليهم فاسق مثلًا، أو يأخذ أخبارهم إلى غيرهم، فلا يُؤذَن له في هذه الحالة.

لكن يُستحب له أن يأذن له إذا لم يكن هناك مانع، ولم تترتب عليه مفسدة.


(١) أخرجه مسلم (١٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>