وقولها:((مَرْحَبًا وَأَهْلًا)): فيه: الترحيب بالضيف، فمرحبًا وأهلًا، يعني: قد نزلتم على الرحب وعلى السعة.
وفي هذا الحديث: أن الله تعالى يبتلي الأخيار من الأنبياء والصالحين بالجوع والفقر، كما يبتلي- أيضًا- بالمال والغنى، فالفقر والغنى مطيتان، والمسلم إذا افتقر وجاع تضرَّع إلى الله وصبر، وإذا شبع واغتنى شكر وحمد الله، هكذا هو المسلم، يكون صابرًا عند البأساء والشدة، ويكون شاكرًا عند النعماء والسعة، ويكون مستغفرًا تائبًا عند الذنب، وهذه علامة السعادة وعنوانها، والإنسان يتقلَّب بين أحوال ثلاثة: فهو إما في شدة فيحتاج إلى الصبر، وإما في سعة ورخاء فيحتاج إلى الشكر، وإما في ذنب فيحتاج إلى التوبة.
وفيه: دليل على أنَّ الدنيا يعطيها الله من يُحب ومَن لا يُحب، ولا يعطي الدين إلا مَن يحب، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو خير الناس وأفضلهم- أصابه الجوع والشدة، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وفيه: دليل على أنه لا بأس أن تُقدِّم المرأة للضيوف إذا لم يكن هناك ريبة ولا شك، وبشرط ألا يكون الزائر واحدًا؛ لأن زيارة الواحد تتحقق بها الخلوة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ))، فَقَامَ: رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ:((اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ)) (١)، ولا زالت المرأة تقدم للضيوف في البادية وفي غيرها.