النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَكَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَأَفْضَلُوا مَا أَبْلَغُوا جِيرَانَهُمْ.
قوله:((إِنَّمَا صَنَعْتُ لَكَ شَيْئًا))، يعني: شيئًا قليلًا، لا يكفي لهذا العدد الكثير.
وقوله:((دُونَكُمْ هَذَا)): هو اسم فعل بمعنى: خذوا هذا، أي: وزِّعوه على من حولكم.
وقوله:((ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ)): لأن البيت لا يتَّسع لهم جميعًا، فيدخلون عشرة عشرة، يدخل عشرة ويأكلون، ثم ينصرفون، ويدخل عشرة، وهكذا.
وفي هذا الحديث: عَلَم من أعلام النبوة، حيث عرف صلى الله عليه وسلم أن الذي أرسله هو أبو طلحة رضي الله عنه، وعلم أنه أرسله لطعام، وهذا كله من الغيب؛ لأنه لا يعلم مَن الذي أرسله ولا يعلم أنه يدعوه لطعام إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا من علم الغيب أطلع الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم.
وفيه- أيضًا-: عَلَم من أعلام النبوة، وهو تكثير الطعام، وتكثير الطعام حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مرات متعددة كما في قصة جابر رضي الله عنه- في الحديث السابق- وفي هذه القصة- أيضًا- طعام قليل كفى هؤلاء القوم، وهم سبعون، أو ثمانون.
وفيه: أنَّ أم سليم أرسلت ابنها أنسًا رضي الله عنه بأقراص من شعير، فأسرَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلما قال أبو طلحة رضي الله عنه- لأم سليم رضي الله عنها-: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقالت أم سليم:((اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ))، وهذا يدل على فقهها؛ ومعنى قولها ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنَّ الطعام قليل، ولكن ما دعاهم إلا وهو يعلم ما سيُقدِّر الله، أو ما سيكون من تكثير الطعام.
وفيه: دليل على أنَّه يُقال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ((اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ))؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي، ومن ذلك: حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهُ عَلَى العِبَادِ؟ )) قال: ((قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ