وقيل: المراد بالمن أنها من المن الذي يمتن الله به على عباده، يأخذونه عفوًا بغير علاج.
واختُلِف- أيضًا- في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:((وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ))، وقد ذكر ابن الجوزي في كون مائها شفاءً للعين قولين:
القول الأول: أن ماءها شفاء للعين حقيقة.
القول الثاني: أن المراد ماؤها الذي تنبت به، فإنه أول مطر يقع في الأرض وهو مطر وسْمي؛ لأنها تنبت في الغالب من مطر الوسم.
والأولون اختلفوا في كيفية الاستعمال على أقوال:
القول الأول: تستعمل صرفًا- مجردًا، ويُعالَج به العين.
القول الثاني: تخلط بالأدوية، فيكتحل بها العين.
القول الثالث: إذا كان لإزالة الحرارة التي في العين فإنه يُستعمَل مفردًا، وإن كان لغير ذلك فإنه يُركَّب مع غيره.
القول الرابع: تؤخذ فتشق وتوضع على الجمر حتى يغلي ماؤها، ثم يؤخذ الميل فيجعل في ذلك الشق، وقال النووي رحمه الله:((والصحيح، بل الصواب: أن ماءها مجردًا شفاء للعين مطلقًا فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، وقد رأيت أنا وغيري في زمننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة فكحل عينه بماء الكمأة مجردًا فشفي، وعاد إليه بصره)) (١).
وكان المن ينزل على بني إسرائيل على الشجر يُشبِه العسل الحلو لمَّا كانوا في التيه.