للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إجابة الداعي: فتُجيب دعوة أخيك إذا دعاك؛ فإن فيه جبرًا لخاطره، وهو من أسباب الألفة والمحبة.

والجمهور على أنَّ إجابة الدعوة مستحبة إلا إذا كان في وليمة عُرس فإنها تجب، ولكن ظاهر النصوص أنَّ إجابة الدعوة واجبة سواء لعُرس أو لغيره، ولكن إذا كان الإنسان يشق عليه أو لا يناسبه فإنه يستسمح من أخيه ويستأذن منه، أما إذا كان يترتب على المدعو مضرة فلا؛ كأن تكون الدعوة فيها منكر من تصوير ذوات الأرواح أو نحوه، أو كانت الدعوة تتأخر إلى وقتٍ متأخر بحيث يؤدي إلى النوم عن صلاة الفجر، أو الإخلال بوِردِه، فهذا عذرٌ له، فيستسمح من صاحب الدعوة.

إفشاء السلام: فتُسلِّم على مَن عرفت ومَن لم تعرف، فكل مَن لقيته من المسلمين تسلم عليه، وهذه هي السنة، فقد جاء في صحيح البخاري مُعلَّقًا مجزومًا به: ((ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ، فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ)) (١)، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، يعني: بذل السلام لكل أحد.

إلا إذا عرف أنه غير مسلم فلا يُبدأ بالسلام، لكن إذا سلَّم وهو غير مسلم فيُرَدُّ عليه بقول: (وعليكم) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ((إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ)) (٢)، ولا يُكمِّلُها؛ ولهذا جاء في الحديث: أنَّ اليهود كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم، ويسلمون ولكنهم يحذفون اللام، يقولون: السام، أي: الموت، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ


(١) ذكره البخاري معلَّقا بصيغة الجزم (١/ ١٥).
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٥٨)، ومسلم (٢١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>