للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشلحًا، فكل ما كان يُجَر إذا كان من باب الخُيلاء فعليه الوعيد الشديد، وإن لم يكن من الخيلاء فعليه الوعيد الآخر: ((مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ)) (١).

وهما حكمان مختلفان: فإن كان للخُيلاء فعليه الوعيد الشديد، وهو: لا ينظر الله إليه يوم القيامة، وإن كان لغير الخيلاء فهو متوعَّدٌ عليه بالنار، ولا يُحمَل أحدهما على الآخر، كما قال النووي (٢)؛ لأنه لا يُحمَل المطلق على المقيَّد إلا إذا كان حكمًا واحدًا.

والمستحب أن يكون الثوب إلى أنصاف الساقين، كما في حديث الباب عن ابن عمر قال: ((مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ، فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ: ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَرَفَعْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: زِدْ، فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ) وفي الحديث الآخر: ((إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ)) (٣).

فهناك لبسٌ مستحب وهو أن يكون إلى أنصاف الساقين، وهناك لبس جائز؛ وهو أن ينزل الثوب من أنصاف الساقين إلى الكعب، وهناك محرَّم وهو ما تحت الكعب.

وجاء في الحديث أنَّ أبا بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ)) (٤)، ذلك أن إزاره كان يسترخِي؛ لأنه كان نحيفًا فينزل ثوبه بدون اختياره، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه من المدح القليل الذي يعلم أنه فيه، ولا يفضي إلى عجب ولا فتنة.


(١) أخرجه البخاري (٥٧٨٧).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٤/ ٦٣).
(٣) أخرجه أحمد (١١٠١٠)، وابن ماجه (٣٥٧٣).
(٤) أخرجه البخاري (٣٦٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>