واستثنى بعضهم لُعب البنات حتى المُجسَّم، وقال بعضهم: إنَّه كان مباحًا أولًا ثم نسخ، واللُعب التي جاءت في قصة عائشة ليست من جنس الصور الموجودة الآن، فقد كان الناس يأتون بعظم مثلًا ويُلبِّسونه خِرَقًا ويجعلونه على صورة رجل، أو على صورة امرأة، أما الصور الموجودة الآن فإنها تخالف اللُّعب القديمة المذمورة آنفا؛ فإنها تحاكي الآدميين في الهيئة والكلام والضحك والبكاء والحركة، فينبغي منعها؛ لما فيها من مظاهاة خلق الله، والافتتان بها.
والتصوير محرَّم على أي وجهٍ كان، سواء كان التصوير مجسَّما، أو غير مجسَّم، والصور الفوتوغرافية يُستثنَى منها الضرورة التي يُحتاج إليها، قال الله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}، مثل: صور الأوراق النقدية، وصورة تحقيق الشخصية، ورخصة قيادة السيارة، وجواز السفر، ويستثنى منها- أيضًا- صور المجرمين حتى يُقبَض عليهم، وما عدا ذلك يكون ممنوعًا.
ولكن بعض الناس لا يُبالي، فيقتني الصور ويُصوِّر نفسه وأولاده ويجعلها في برواز، ويجعلها أمام الداخل بيته، ويقول: هذه للذكرى.
وإن قوم نوح ما عبدوا الأصنام إلا بسبب صور للذكرى؛ فإنه لما مات عدد من الصالحين منهم قالوا: نصورهم حتى نتذكر عبادتهم، فلما طال عليهم الأمد عبدوهم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ