للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب، أو من الشباك، أو من السطوح من المحرمات الشديدة، وأنه يجوز للإنسان أن يخذفه إذا رآه يطلع عليه، وأنه إذا خذفه وفقأ عينه فليس عليه شيء، وتكون عينه هدرًا؛ لأنه معتدٍ، وذلك لأن الناس لهم عورات في بيوتهم، والإنسان له بينه وبين أهله أحوال لا يريد أن يطلع عليها أحد.

وفيه: دليل على أن الاستئذان من أجل ألا يقع بصر الإنسان على ما حرم الله عليه، كأن ينظر إلى امرأة لا تحل له.

وفيه: دليل على أنه لا يجب على المرأة أن تحتجب من الأعمى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ)) والأعمى لا يبصر، ويدل على ذلك حديث فاطمة بنت قيس، وهو في الصحيح أنها لما طُلقت قال لها صلى الله عليه وسلم: ((اعْتَدِّي عَنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ)) (١)، يعني: فلا يبصرك.

وأما حديث نبهان عن أم سلمة رضي الله عنها أنه دخل ابن مكتوم على زوجتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((احْتَجِبَا مِنْهُ) فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَى، لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا؟ قال: ((أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟ ! )) (٢).

فهذا الحديث من رواية نبهان عن أم سلمة، ونبهان قال فيه الحافظ في التقريب: ((إنه مقبول)) (٣)، والمقبول لا يقبل حديثه إلا إذا وجد له متابع، أو شاهد، ثم لو صح حديث نبهان لكان شاذًّا مخالفًا للأحاديث الصحيحة، ولمن هو أوثق منه، كهذا الحديث، وحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها.


(١) أخرجه مسلم (١٤٨٠).
(٢) أخرجه أحمد (٢٥٩٩٦)، وأبو داود (٤١١٢)، والترمذي (٢٧٧٨).
(٣) تقريب التهذيب، لابن حجر (٧٠٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>