ولا يقال: إن من اسماء الله الماكر أو المعرض أو الكائد، فالمكر صفة ذم، ولكنها في مقابلة مكر الماكر صفة مدح، والكيد صفة ذم وفي مقابلة كيد الكائد صفة مدح، وهكذا صفة الإعراض صفة ذم، ولكنها في مقابلة المعرض صفة مدح، فالله تعالى يعرض عن المعرض، ويستحي من المستحي.
أما صفة الحياء فقد ثبتت في نصوص كثيرة، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}، وقال سبحانه:{إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحق}، وفي الحديث:((إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ)) (١) فصفة الحياء ثابتة لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته.
الأكثرون على أنها:(سَتِيرٌ) على وزن: فعيل، ككثير من صفات الله تعالى كعليم وخبير وسميع وبصير ... إلخ.
هذا الحديث فيه الكثير من الفوائد، منها:
١ - فضل حلق الذكر.
٢ - مشروعية عقد حلق الذكر ومجالس العلم في المساجد.
٣ - فضل من حضر هذه الحلق وجلس فيها.
٤ - أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على مجالس الذكر وأن يزاحم ركب أهل العلم حتى يستفيد ويتعلم.
٥ - بيان التفاوت بين هؤلاء الثلاثة؛ فالأول حرص وسبق صاحبيه إلى الفرجة، والثاني جلس خلف الحلقة واستحيا من أن يخترق الجالسين ليجد لنفسه مكانًا في الحلقة، وأما الثالث فولَّى مدبرًا وأعرض كأنه ليس له عذر ظاهر.
(١) أخرجه أحمد (١٧٩٧٠)، وأبو داود (٤٠١٢)، والنسائي (٤٠٦).