وقوله:((وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عِيسَى الطَّالَقَانِيَّ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ: إِنَّ مِنْ الْبِرِّ بَعْدَ الْبِرِّ أَنْ تُصَلِّيَ لأَبَوَيْكَ مَعَ صَلاتِكَ، وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَفَاوِزَ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْمَطِيِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلافٌ)) : معني هذه الحكاية: أنه لا يقبل الحديث إلا بإسناد صحيح، والحجاج بن دينار هذا من تابعي التابعين، وأقل ما يمكن أن يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنان تابعي وصحابي.
وقوله:((وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلافٌ)) ، أي: أن الصدقة تصل إلى الميت، وينتفع بها بلا خلاف بين المسلمين؛ لثبوت ذلك في الأحاديث الصحيحة، وأما الصلاة والصوم فلم يثبت فيها دليل؛ ولذلك اختلف العلماء فيها، والصواب: عدم إهدائها لعدم الدليل.
وقوله:((قَالُوا: أَخْبِرْ عَنْهُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِثَبْتٍ)) ؛ لأن هذا من النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين، وليس من الغيبة.
وقوله:((إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ، إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ)) ، أي: طعَنوا فيه وتكلموا بجرحه، كأنه يقول: طعنوه بالنَّيْزك، وهو رمح قصير.
وقوله:((فَتَرَى أَنْ أَقُولَ لِلنَّاسِ: لا تَأْخُذُوا عَنْهُ؟ )) : فترى: على حذف حرف الاستفهام، أي: أَفَتَرَى؟
وقوله:((لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ)) : هذه العبارة ليست على إطلاقها؛ وإنما المراد بها العُبَّاد المغفَّلون؛ لأنهم يكذبون- والمراد بالكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء تعمد ذلك، أم جهله- بسبب غفلتهم، وعدم ضبطهم، وإن كانوا لا يتعمدون الكذب.