للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث فيه: شدة كذب الكهان وحبهم للكذب، حيث أنه يلقي إليهم وليهم من الجن كلمة واحدة سُمعت من السماء من الحق فيزيد الكاهن معها مائة كذبة، ويخبر الناسَ بهذا الكذب الكثير، فَيُصَدّقه الناس بجميع كذبه من أجل واحدة.

وفيه: قبول الناسِ الشرَّ والباطلَ، حيث يصدقونه بالكذب الكثير من أجل الواحدة، ولا يكذبونه للكذب الكثير.

حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ- وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ- عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسُوا بِشَيْءٍ) قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكُونُ حَقًّا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْجِنِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ)).

وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْقِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسُوا بِشَيْءٍ) يعني: لا حقيقة لقولهم؛ لأن قولهم باطل، ولا يوثق بأخبارهم، ولا ينبغي الإتيان إليهم ولا سؤالهم؛ لأن في هذا رفعًا من شأنهم، بل الواجب تكذيبهم والإنكار عليهم، والتبليغ عنهم، ومعاقبتهم من قبل ولاة الأمور بالسجن، أو بالضرب، أو بالقتل، على حسب ما يستحقون.

وقوله: ((فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ)): من قَرَّ يَقُرُّ، قال أهل اللغة والغريب: ((القَرُّ: بفتح القاف ترديدك الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه)) (١).


(١) النهاية، لابن الأثير (٤/ ٣٩)، لسان العرب، لابن منظور (٥/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>