للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنادي: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فإن هذا هو محاسبة العباد، فإذا حوسبوا أمروا بأن يتبعوا آلهتهم، ويتجلى الرب لعباده المؤمنين فيتبعونه، وينصب الجسر على ظهر جهنم فيعبر عليه المتقون {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} فالمرة الأولى لقوه وخاطبهم قبل المناداة، وذلك كان عامًّا للعباد، كما يدل عليه سائر الأحاديث ثم حجَب الكفار.

المرة الثانية: التي امتحنهم فيها فأنكروه وهي أدنى من التي رأوه فيها أول مرة، وهذا تفسير ما في حديث أبي هريرة مع أبي سعيد رضي الله عنهما حيث قال: ((فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ)) (١).

المرة الثالثة: يكشف لهم عن ساقه حتى يسجدوا له، فهذه التي يعرفون هي التي يكشف فيها عن ساق فيسجدون له.

المرة الرابعة: حين يرفعون رءوسهم- أي: من السجود- كما في صحيح مسلم: ((ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ)) (٢).

وقوله: ((فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ)): فيه بيان فضل هذه الأمة؛ إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم أول من يجيز على الصراط، وأمته أول الأمم التي تجتاز الصراط.

وقوله: ((فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ)) وفي رواية في البخاري: ((فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ)) (٣) أي: المهلك، وقيل: المحبوس المعاقب، ومنه قوله تعالى: {أو يوبقهن بما كسبوا}، ويُقال: وبق يبق إذا هلك (٤).

وقوله: ((فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ)): فيه الرد على


(١) أخرجه البخاري (٧٤٣٧) , ومسلم (١٨٢).
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٣٧) , ومسلم (١٨٢).
(٣) أخرجه البخاري (٨٠٦).
(٤) مطالع الأنوار، لابن قرقول (٦/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>