قوله صلى الله عليه وسلم:((عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ)) في للسببية، أي: بسبب هرة، فدخلت بسببها النار.
وهذا الحديث فيه: دليل على أن هذه المرأة دخلتِ النار بسبب تعذيب هذه الهرة.
وفيه: دليل على إثبات الأسباب، وأن الله تعالى يربط الأسباب بالمسببات، فيجعل صلة الرحم سببًا في طول العمر، وقطيعة الرحم سببًا في قصره، وتعذيب الهرة سببًا في دخول النار.
وفيه: الرد على من أنكر الأسباب من الجبرية كالأشاعرة وغيرهم.
وفيه: دليل على احترام الحيوان، وأنه لا يؤذَى ولا يُقتل إلا بسبب، وإذا كان هذا التعذيب في النار بسبب إيذاء هرة بحبسها، فكيف بمن يحبس مسلمًا أو يؤذيه أو يقتله؟ ! وحرمة المؤمن عند الله عظيمة! .
مسألة: استشكل بعضهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ)) والنار لم يدخلها أحد بعد؛ لأن القيامة لم تقم.
والجواب من وجوه:
الأول: أن تعذيبها في النار يكون في قبرها، والعذاب في القبر مقدمة للعذاب في النار، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء، ولكن ظهر لي أجوبة غير هذا، منها:
الثاني: أن العبد الفاجر أو الكافر إذا دخل القبر فُتح له باب إلى النار، فيأتيه من حرها وسَمومها، كما ثبت في الحديث الصحيح (١)، فيكون هذا تعذيبًا له من نفس النار.
الثالث: أن روح المؤمن تُنقَل إلى الجنة، وروح الكافر تُنقَل إلى النار، فَتُعذب الروح في النار بعدما يموت صاحبها ولها صلة بالجسد.