للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا حديث قدسي؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أضافه إلى الله، فهو من كلام الله لفظًا ومعنًى، وأما الأحاديث النبوية فهي من الله معنى، ومن الرسول صلى الله عليه وسلم لفظًا.

قوله: ((وَأَنَا الدَّهْرُ) يعني: خالق الدهر، ومدبر الدهر، ومقلِّب الدهر ومصرفه، والدهر هو الليل والنهار؛ ولهذا قال: ((بِيَدِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ) وجاء في الحديث الآخر: ((وَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ))، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا.

في هذا الحديث: أن الدهر هو الليل والنهار، وليس من أسماء الله، وقد غلط ابن حزم رحمه الله حينما عد الدهر من أسماء الله؛ لأنه لم يتأمل، ولم ينظر، ولم يجمع بين النصوص، فخطَّأه العلماء وهذا معدود في غلطاته (١).

وفيه: دليل على تحريم سبِّ الدهر، وقيل أنه من الكبائر؛ لأن الدهر ليس له من الأمر شيء، فالسب يقع على مَن دبَّره، وهو الله تبارك وتعالى، وأن ذلك فيه إيذاء لله، قال الله تعالى: ((يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ))، ولا يلزم من الأذى الضرر؛ لأن الله لا يضره أحد من خلقه، قال الله تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابًا مهينًا}.

ومن أمثلة سب الدهر قول أحدهم: يا خيبة الدهر، ويقول الشاعر:

عَضَّنَا الدَّهْرُ بِنَابِهْ ... لَيْتَ مَا حَلَّ بِنَا بِهْ (٢)

أما إن وصف اليوم بأنه بارد، أو حار، أو يوم عصيب فهذا وصف له، وليس من السب.


(١) المحلى، لابن حزم (٨/ ٣١)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٢/ ٤٩١ - ٤٩٤).
(٢) نهاية الأرب، للنويري (٧/ ٩٢)، خزانة الأدب، للحموي (١/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>