للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((مُنْهَمِرٍ)): كثير.

وقوله: ((جِنَانًا)): جمع جَنة- بفتح الجيم.

وهذا الحديث فيه فوائد، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء وهو نازل، فدل على أن المسافر له أن يجمع وهو نازل، يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء وإن كان هذا قليلًا، والأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم: أنه لا يجمع إلا إذا جدَّ به السير إذا كان ماشيًا يجمع الظهر والعصر، أما إذا كان نازلًا في مكان في السفر فإنه يصلي كل صلاة في وقتها قصرًا بدون جمع، كما يفعل الحجاج في منى يصلون الظهر في وقته ركعتين، والعصر في وقته ركعتين، والمغرب في وقته ثلاثًا، وأما في عرفة فإن الجمع لأجل أن يتسع وقت الوقوف في مزدلفة؛ لأنه في ارتحال، ولكن للمسافر أن يجمع ولو كان نازلًا في مكانٍ خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو إمام كبير فإنه قرر رحمه الله أن المسافر لا يجمع إذا كان نازلًا، وإنما يجمع إذا اشتد به السير، فإذا كان نازلًا فإنه يقصر ولا يجمع (١)، فشيخ الإسلام رحمه الله حين قرر هذا فات عليه ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك مع سعة علمه وطول باعه.

كما أنه فات عليه رحمه الله وتلميذه ابن القيم أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين محمد وآل محمد، وإبراهيم وآل إبراهيم في الصلاة الإبراهيمية: ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)) (٢).

قال رحمه الله: ((فهذه الأحاديث التي في الصحاح: لم أجد فيها ولا فيما نُقل


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٢١/ ٤٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>