السيل من الغثاء، فيحمل الحبة، وقد تكون في طرف الوادي فتنبت بسرعة.
وقوله:((فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ))، يعني: حيث عرفت هذا، فلا يعرفه إلا من في البادية، يرعى ويرى السيل والوديان.
وقوله:((فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللهِ))، يعني: يعرفونهم بالخواتم التي في رقابهم، ثم تمحى عنهم بعد ذلك، والخواتم جمع ختم، كالذي يكون في الكتاب، فتوجد الأختام في رقابهم (هؤلاء عتقاء الله من النار).
وقوله:((ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)) فما دام قد دخلوا الجنة، فقد ذهب عنهم كل سوء، وحصل لهم كل خير، وبدخولهم الجنة حصلوا على رضا الله، ومن حلَّ عليه رضا الله لا يسخط عليه بعده أبدًا.
وقوله:((قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ)) قول الصحابي: ((بلغني)) معناه: أنه مأخوذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على أن ينسب الكلام إليهم أفضل من أن يقولوا:((عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وهذا الحديث فيه: دليل صريح في إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأنهم يرونه رؤية واضحة، وأنه لا يحصل عليهم ضرر، بل هم يرون ربهم سبحانه وتعالى رؤية واضحة من غير تزاحم، وأنهم يرون ربهم من فوق كما تُرى الشمس، وكما يُرى القمر، فإننا نرى الشمس من فوقنا، ونرى القمر من فوقنا، وليس المراد تشبيه الله بالشمس والقمر، فالله تعالى لا يشبه أحدًا من خلقه، بل المراد تشبيه الرؤية بالرؤية، يعني: أن المؤمنين يرون ربهم برؤية واضحة من فوقهم، كما أنهم يرون الشمس رؤية واضحة من فوقهم، وكما يرون القمر رؤية واضحة من فوقهم.
والأدلة في إثبات رؤية المؤمنين لربهم متواترة، رواها نحو ثلاثين