للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤. أن الملائكة منحها الله القدرة على أن تتصور بالصور المختلفة، فهذا جبريل وميكائيل رآهما سعد بن أبي وقاص، في صورة رجلين عليهما ثيابٌ بيض، وكان جبريل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صور متعددة، كما في هذا الحديث أنه جاء في صورة رجل عليه ثيابٌ بيض يقاتل عن النبي صلى الله عليه وسلم أشد القتال.

ورآه النبي صلى الله عليه وسلم على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح كل جناح يملأ ما بين السماء والأرض، رآه على هذه الصورة مرتين، مرة في السماء ليلة المعراج (١)، ومرة في الأرض في أول البعثة حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء فرآه على هذه الصورة؛ ولهذا حصل للنبي صلى الله عليه وسلم رعب شديد، وجاء إلى خديجة يرجف قلبه من رؤية الملك، وقال: زملوني زملوني، دثروني دثروني، وقال لخديجة رضي الله عنها: كدت أن يختلج عقلي، فهدَّأتْ من روعه، وقالت: ((كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ)) (٢).

٥ - نصر الله تعالى لنبيه وللمؤمنين، وأن الله تعالى نصرهم بجندٍ من عنده، والملائكة جندٌ من جنود الله، ينصر الله بهم المؤمنين، ويخذل بهم الكافرين، كما خذلهم يوم الأحزاب، فإن الله تعالى أرسل على الأحزاب الذين تحزَّبوا وتجمَّعوا على قتال المسلمين ريحًا وجندًا من الملائكة تزلزلهم وتقذف الرعب في قلوبهم، كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، وهذه بشارة للمؤمنين أن الملائكة تقاتل معهم، وإلا فالنصر من عند الله، لكنَّ في هذا تطمينًا لقلوب المؤمنين، كما قال


(١) أخرجه البخاري (٣٢٣٢)، ومسلم (١٧٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>