للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى الله عليه وسلم وعرق سلتت العرق وجعلته في قارورة لها، وقالت: ((عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي)) (١)، وفي رواية: ((مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ )) قَالَتْ: ((أَجْعَلُ عَرَقَكَ فِي طِيبِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) (٢).

[٢٣٢٦] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: ((يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا)).

قوله: ((فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ)) وهذا ليس من الخلوة بالأجنبية، وإنما كان هذا في ممر الناس ومشاهدتهم، لكنهم لا يسمعون كلامهما.

وهذا الحديث فيه: بروز النبي صلى الله عليه وسلم للناس لقضاء حوائجهم، فلم يكن على بابه حرس ولا حُجَّاب يحجبونه عن الناس، فكان يعظ الجاهل ويطعم الفقير، ويحمل الكَلَّ، ويعين على نوائب الحق، ويبلغ دعوة الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهكذا ينبغي للولاة والأمراء والعلماء ألا يكونوا محجوبين عن الناس، بل يكونوا قريبين منهم حتى يقضوا حوائجهم.

وقد جاء الوعيد الشديد على من احتجب من الولاة عن الناس، ففي الحديث: ((مَا مِنْ إِمَامٍ أَوْ وَالٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ، وَالْمَسْكَنَةِ، إِلَّا أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ، دُونَ حَاجَتِهِ، وَخَلَّتِهِ، وَمَسْكَنَتِهِ)) ولما بلغ هذا الحديث معاوية رضي الله عنه جعل على حوائج الناس شخصًا معينًا؛ خوفًا من هذا الحديث (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦٢٨١)، ومسلم (٢٣٣٢).
(٢) أخرجه النسائي (٥٣٧١).
(٣) أخرجه أحمد (١٨٠٣٣)، وأبو داود (٢٩٤٨)، والترمذي (١٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>