للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجاهلية قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان موسى عليه السلام يستحي من قومه وهم عراة، فكان يغتسل وحده، فاتهموه بأنه يستتر عنهم من عيب به في جسده، وهو أنه آدر، والآدر هو منتفخ الخصيتين، فأراد الله تعالى أن يبرئ موسى من هذه التهمة، فلما أراد أن يغتسل ووضع موسى ثوبه على الحجر فرَّ الحجر بثوبه.

وفيه: بيان لقدرة الله العظيمة حيث وضع في الجماد القدرة على الفرار، وهذا لايكون إلا في ذوات الأرواح، والله على كل شيء قدير، وتبع موسى الحجر، وقال: ثوبي حجر، يعني: هاتِ ثوبي يا حجر، فعامله معاملة العاقل لما رآه فرَّ بثوبه! وتوقف الحجر أمام الملأ من بني إسرائيل فرأوا موسى في أحسن ما يكون من الخلقة الحسنة، قالوا: سبحان الله! موسى من أحسن الناس خلقًا ما فيه عيب!

فأخذ موسى ثوبه، ومن شدة حنقه على الحجر أخذ العصا، وجعل يضرب الحجر بعصاه، حتى أثَّر الضرب في الحجر على شكل ندب، يعني: فتحات ستة أو سبعة، ومعلوم أن العصا لا تؤثر في الحجر لكنه أثَّر فيه، ولعل هذا يكون شفاء لغيظ موسى عليه السلام أنه أثر فيه وأوجعه، وأنزل الله في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا}.

وفيه: دليل على جواز الاغتسال عريانًا إذا لم يكن عنده أحد، وأنه لا كراهة في ذلك؛ خلافًا للنووي الذي يقول: ((وأما كشف الرجل عورته في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي فإن كان لحاجة جاز، وإن كان لغير حاجة ففيه خلاف العلماء في كراهته وتحريمه، والأصح عندنا أنه حرام)) (١)، وهذا لا وجه له؛ لأن الإنسان إذا كان يغتسل عريانًا وحده في الحمام وأغلق على


(١) شرح مسلم، للنووي (٤/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>