للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ.

قوله: ((فَفَقَأَ عَيْنَهُ)) وهذا على ظاهره، خلافًا لمن تأوله، فقال: إن المراد أنه غلبه بالحجة! وهذا لا وجه له، وجاء في الحديث: ((مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)) (١).

قوله: ((فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ)): المتن: الظهر، يعني: على ظهر ثور.

وقوله: ((فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ)): فيه: الرغبة بالدفن في الأرض المقدسة، وفي المقبرة التي فيها صالحون؛ لمشاركتهم في تنزُّلِ الرحمات.

وهذا الحديث فيه: أن ملك الموت جاء في صورة رجل إلى موسى عليه السلام، وقال: إنه أراد أن يقبض روحه، فصكه موسى عليه السلام ففقأ عينه، ويحتمل أنه لم يعلم أنه ملك الموت؛ لأنه جاء في صورة رجل.

وفيه: أن الله تعالى لم يؤاخذ موسى عليه السلام لمكانته عند الله؛ لأن الأولياء يُغتفر لهم ما لا يغتفر لغيرهم، والله يسامحهم لما لهم من المكانة عند الله عز وجل، فموسى عليه السلام وجيه عند الله عز وجل، كما قال: {وكان عند الله وجيهًا} والرسل عليهم الصلاة والسلام خلاصة الأولياء، وأفضل الرسل أولو العزم، وموسى عليه السلام منهم؛ لذلك لم يؤاخذه الله بفعله هذا، بل غفر له.

وفيه: دليل على أن ملك الموت يتصور في صورة إنسان.


(١) أخرجه البخاري (٤٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>