للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحديث الآخر: ((مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ)) (١).

هذا الحديث فيه: النهي عن التفضيل على وجه العصبية والحمية، مما يؤدي إلى تنقص المفضول؛ ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ))، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك من باب التواضع، وإنما يكون التفضيل بالنصوص، كما قال الله تعالى: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}، وقال تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض}.

وأما قوله- في الحديث-: ((فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ؟ )): فقد نبه بعض المحققين على أن في آخر الحديث وهمًا من بعض الرواة؛ حيث إن فيه استثناءً من صعقة البعث، وليس هناك استثناء من صعقة البعث، ولأن نبينا صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الآخر قال: ((وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) (٢).

وإنما الاستثناء في الصعقة التي تصيب الناس في موقف القيامة إذا تجلى الله للخلائق، كما في الحديث الآخر: ((لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى)) (٣).

فالصعقات ثلاث:

الصعقة الأولى: صعقة الموت، يموت الناس كلهم إلا من استُثني، قال الله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماء والأرض إلا ما شاء الله} مثل الأرواح، ومثل الحور العين في الجنان، هذا مستثنى، استثناه الله.

الصعقة الثانية: صعقة البعث: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}،


(١) أخرجه البخاري (٤٦٠٤).
(٢) أخرجه أحمد (١٠٩٨٧)، والترمذي (٣٦١٥).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤١٢)، ومسلم (٢٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>