قوله:((مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)): فيه: دليل على أن شريعة موسى ليست عامة لأهل الأرض، وإنما هي خاصة ببني إسرائيل، وأما شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهي عامة لجميع أهل الأرض، للثقلين الجن والإنس؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: ... وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً)) (١).
وقوله:((وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ))، يعني: أخذه الاستحياء منه، من كثرة اعتراضه عليه، وقيل: ملامة.
وقوله:((شَيْءٌ أُمِرْتُ بِهِ)) يدل على أن الخضر نبي يوحى إليه، ويدل عليه- أيضًا- قوله- لموسى في آخر القصة-: {وما فعلته عن أمري}، وهذا قول بعض العلماء، وذهب الأكثرون إلى أنه عبد صالح، وأن الله ألهمه وكشف له عن حال الغلام، واليتيمين والسفينة، ولكنه قول مرجوح، وإن كان قول الأكثرين.
هذا الحديث فيه: أن الخضر له شريعة غير شريعة موسى عليه السلام، فهو خارج عن شريعته؛ لأن الخضر لم يؤمر باتباع موسى عليه السلام، وموسى لم يرسل إلى الخضر؛ ولهذا قال العلماء: إن من نواقض الإسلام الزعم بأنه يجوز الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما وسِع الخضر الخروج عن شريعة موسى، فهذا يكفر صاحبه لوجود فرق بين شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وشريعة موسى عليه السلام، فإن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للثقلين، يعني: لأهل الأرض كلهم إنسهم وجنهم، وشريعة موسى خاصة وليست عامة.
فمن زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فقد ارتدَّ عن دين الإسلام، يقول الشيخ محمد