في هذه الأحاديث: بيان فضائل أبي بكر رضي الله عنه، والتي منها الصحبةُ الخاصة، حيث صحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، وصحبه في الهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه ليست لغيره، لم تكن لعمر رضي الله عنه ولا لغيره، فقد قال تعالى:{إذ يقول لصاحبه}، والصحابة كلهم صحابته صلى الله عليه وسلم، لكنها صحبة خاصة، وقال تعالى:{لا تحزن إن الله معنا}، وهذه معية خاصة تقتضي الحرص والنصر والكلاءة والتأييد، فالمعية معيتان:
المعية العامة: تكون لله تعالى مع الناس كلهم، المؤمن، والكافر، فهو تعالى معهم باطلاعه وإحاطته ونفوذ قدرته ومشيئته، يقول الله تعالى:{وهو معكم أينما كنتم}، ويقول تعالى:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم}، ويقول تعالى:{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو معهم} هذه معية عامة، وتأتي في سياق المحاسبة، والمجازاة، والتخويف، وتكون للمؤمن والكافر، وتقتضي الاطلاع والإحاطة ونفوذ القدرة والمشيئة.
والمعية الخاصة: فهي خاصة بالمؤمن، وتأتي في سياق المدح والثناء، وتقتضي الكلاءة والتأييد، كما في هذه الآية:{لا تحزن إن الله معنا} وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا))، فهذه معية خاصة، وقوله سبحانه وتعالى لموسى وهارون:{إنني معكما أسمع وأرى} فهذه معية خاصة أيضًا، فلما جاء معهم فرعون جاءت المعية العامة:{إنا معكم مستمعون}، وكذلك في قوله تعالى:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، وقوله تعالى:{إن الله مع الصابرين}.