للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((أَبَا التُّرَابِ)): هذه كنية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقوله: ((مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ ) قال النووي رحمه الله: ((ليس فيه تصريح بأن معاوية أمر سعدًا بسبِّ علي رضي الله عنهم أجمعين، وإنما سأله عن السبب المانع له من السبِّ، كأنه يقول: هل امتنعت تورعًا أو خوفًا أو غير ذلك؟ فإن كان تورعًا وإجلالًا له عن السب فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر)) (١).

وقيل: لعل سعدًا رضي الله عنه كان في قوم يسبون عليًّا رضي الله عنه ولم يستطع الإنكار عليهم، ولكنه لم يشاركهم في سبه، فسأله معاوية رضي الله عنه عن السبب.

وقيل: المعنى: ما الذي منعك من تخطئته في اجتهاده وتصويبي؟ لأن معاوية رضي الله عنه كان له اجتهاده، وعلي رضي الله عنه كان له اجتهاده، فقاتل معاوية رضي الله عنه؛ لأنه تخلف عن البيعة بعد أن بايعه أكثر أهل الحل والعقد، ومعاوية رضي الله عنه كان له اجتهاد آخر، وهو أنه طالب بدم عثمان رضي الله عنه وهو ولي الدم، فكل منهما كان له اجتهاده، فكأنه يقول له: ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ؟ فقال سعد رضي الله عنه: إن عليًّا له ثلاث مناقب، كل منقبة منها أحب إليه من حمر النعم- وهي أنفس أموال العرب، وهذا مثال تقريبي- والمعنى: خير من الدنيا وما فيها؛ لأن الدنيا لا تساوي شيئًا عند الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا)) (٢)، فمراد سعدٍ رضي الله عنه: لو كان فيه واحدة من هذه الخصال الثلاث لكان أحبَّ إليه من الدنيا وما فيها.

وقوله: ((فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ)): وهذه المناقب الثلاث هي:


(١) شرح مسلم، للنووي (١٥/ ١٧٥).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٢٠)، وابن ماجه (٤١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>