لبنت أبي زرع، يعني: أنها مطيعة لأبيها وأمها، منقادة لأوامرهما.
وقولها:((وَمِلْءُ كِسَائِهَا))، أي: أنها سمينة بحيث تملأ كساءها، وهو ثوبها، وفي الرواية الأخرى:((وَصِفْرُ رِدَائِهَا))، أي: أنها ضامرة البطن، والرداء ينتهي إلى البطن، وقيل: معناه أنها خفيفة أعلى البدن- وهو موضع الرداء-، ممتلئة أسفله.
وقولها:((وَغَيْظُ جَارَتِهَا))، يعني: ضرتها، أي: يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها، وقيل: أرادت الجارة مطلقًا؛ لأن الجارات من شأنهنَّ ذلك.
وفي الرواية الأخرى:((وَعَقْرُ جَارَتِهَا))، يعني: تعقر جارتها، أي: أنها تغيظها، حتى تصير كالمعقور.
قال النووي رحمه الله:((قولها: ((وَعَقْرُ جَارَتِهَا)) هكذا هو في النسخ عقر بفتح العين وسكون القاف، قال القاضي: كذا ضبطناه عن جميع شيوخنا، قال: وضبطه الجياني عبر بضم العين واسكان الباء الموحدة، وكذا ذكره ابن الأعرابي، وكأن الجياني أصلحه من كتاب الأنباري، وفسره الأنباري بوجهين؛ أحدهما: أنه من الاعتبار، أي: ترى من حسنها وعفتها وعقلها ما تعتبر به، والثاني: من العبرة وهي البكاء، أي: ترى من ذلك ما يبكيها لغيظها وحسدها، ومن رواه بالقاف فمعناه: تغيظها فتصير كمعقور، وقيل: تدهشها من قولهم: عقر ذا دهش)) (١).
وقولها:((جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا)): هذا مدح منها لجارية أبي زرع، فقد وصفتها بأنها: لا تفشي أخبارهم وأسرارهم، ولا تفسد طعامهم المجلوب، ولا تفرقه، بل هي مُصلحة له، والمعنى: أنها أمينة، ((وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا))، يعني: لا تترك الكناسة والقمامة مبعثرة في البيت كعش الطائر، بل البيت