للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تخالف قراءة جمهور الصحابة، فأنكر عليه الناس، وأمروه بترك مصحفه وبموافقة مصحف الجمهور، وطلبوا مصحفه ليحرقوه كما فعلوا بغيره، فامتنع، وقال لهم- على سبيل الإنكار-: ((عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً))، وقال- لأهل الكوفة-: ((يَا أَهْلَ العِرَاقِ، اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} فَالقوا اللَّهَ بِالمَصَاحِفِ)) (١)، قال الذهبي رحمه الله: ((وفي مصحف ابن مسعود أشياء أظنها نسخت، ويقال: إنها ليس فيها المعوذتان، وأما زيد رضي الله عنه فكان أحدث القوم بالعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم عام توفي على جبريل)) (٢).

[٢٤٦٣] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.

[خ: ٥٠٠٢]

في هذا الحديث: منقبة- أيضًا- لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث يقول عن نفسه: ((مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ))، فهو رضي الله عنه يعلم في أي مكان نزلت كلُّ آية، وفيما أُنزلت، وهذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه، ومع ذلك يقول: ((وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ)).

وفيه: دليل على أن الرحلة في طلب العلم كانت معروفةً من زمن الصحابة رضي الله عنهم.


(١) أخرجه الترمذي (٣١٠٤).
(٢) سير أعلام النبلاء، للذهبي (١/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>